انتقل إلى المحتوى

شهادة المرأة في الإسلام

هذه المقالة يتيمة. ساعد بإضافة وصلة إليها في مقالة متعلقة بها
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

تعد شهادة المرأة في الإسلام موضع خلاف، إذ تتراوح مواقف المجتمعات الإسلامية من الرفض التام لشهادة الإناث في بعض المجالات القانونية، إلى القبول المشروط (كاعتبارها نصف شهادة الذكر، أو مع شرط دعمها بشهادة الذكر)، إلى القبول الكامل دون أي تحيز على أساس الجنس.[1]

تُعرف الشهادة في الشريعة الإسلامية بأنها الإقرار بحق الطرف الثاني على الثالث، مع وجود أشكال أخرى من الأدلة (البيّنة)، مثل اليمين، والإقرار، وقرائن الأحوال، ويجب أن تشتمل الشهادة على علم يقيني بالحدث المؤكد، ولا يجوز أن تكون مبنية على الظن.[2]

تروي السورة الثانية من القرآن، سورة البقرة، الآية 282، الأساس لقاعدة أن شهادة امرأتين تعادل شهادة رجل واحد في تقديم شهادة الشهود في المواقف المالية.[3]

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ۚ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ۚ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ ۚ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا ۚ فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ۚ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ ۖ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى».

الوثائق المالية

[عدل]

يطلب القرآن في حالة الشهود للحصول على المستندات المالية، شهادة رجلين أو رجل واحد وامرأتين،[4][5] وهذا ما يفسره عدد من علماء المسلمين على أنه يعني أن شهادة امرأتين تعدل شهادة رجل واحد. يقول تفسير ابن كثير: «اشترط الله أن تقوم امرأتان مقام الرجل الواحد، لما في المرأة من عيوب كما وصف النبي [في حديث]».[6]

كتب جواد أحمد غامدي أن الإسلام يطلب شاهدتين مقابل رجل واحد في حالة المعاملات المالية كوسيلة لتخفيف المسؤولية لأنه لا يناسب مزاجهن ومجال اهتمامهن وبيئتهن المعتادة.[7] يناقش بأن الإسلام لا يدعي أن شهادة المرأة هي النصف بأي حال من الأحوال.[8] يرى الغامدي أن سياق الآية وألفاظها لا يتضمنان أي إشارة إلى سياق قانوني، إذ تنص الآية (21:01) أن الشهود فيما يتعلق بالعقود يكونوا بتلك الطريقة، بينما ينص البيان: فيما يتعلق بنزاعات العقود، يُستدعى شهود من هذا النوع، على غرار ما ورد في القرآن 4:15. يفسر الغامدي الآية القرآنية على أنها مجرد توصية موجهة للأفراد، وسيكون لقاضي المحكمة أن يقرر النوع والأدلة الكافية لإثبات القضية.[9]

يناقش الغامدي وأعضاء مؤسسته «المورد» موثوقية الحديث الذي يستخدم لإثبات موضوع نصف الشهادة وما يتعلق بفهمه المشترك. يؤكد الغامدي أيضًا أن الحديث لا يمكن استخدامه في جميع الحالات العامة لأنه يتعلق بالآية القرآنية التي يرتبط موضوعها بالمسائل المالية فقط.[10] يناقش عالم الدين الباكستاني إسحاق أن الحصول على أدلة قاطعة أمر مهم، بغض النظر عما إذا كان من الممكن الحصول عليها من رجل واحد فقط أو امرأة واحدة فقط.[11]

يرى الغامدي أن ابن القيم وابن تيمية لهما آراء مماثلة له.[8] رأى القيم أن الآية تتعلق بالمسؤولية الثقيلة للشهادة التي يحمي بها صاحب الثروة حقوقه، وليس بقرار من المحكمة، وهما مختلفان تمامًا عن بعضهما البعض. يقال أيضًا أن ذلك يوضح أن القرآن لا يريد أن يسبب صعوبات للنساء.[12] أيد ابن تيمية عدم استخدام الآية 282 من القرآن لإثبات التمييز ضد المرأة، ومع ذلك، اعتقد كل من ابن القيم وابن تيمية بالفرق في القيمة الإثباتية لشهادة الرجل وشهادة المرأة. يقال إنه على الرغم من اعتقاد ابن القيم بكون النساء أكثر عرضة لارتكاب الأخطاء، ينبغي بدلًا من التوصل إلى تمييز عام من هذا النوع، التعامل مع شهادة المرأة على أساس فردي.[13] أكد ابن القيم- في الحالات التي تشترك فيها المرأة والرجل في جميع الصفات الإسلامية الحميدة للشاهد- أن شهادة المرأة التي تدعمها امرأة أخرى قد تعدّ أقوى من شهادة الرجل غير المؤكدة. عدّ ابن القيم شهادة بعض النساء الاستثنائيات كناقلات الحديث أعظم بلا شك من شهادة رجل أقل شأنًا.[14]

كتب ابن تيمية:

«فَمَا كَانَ مِنْ الشَّهَادَاتِ لَا يُخَافُ فِيهِ الضَّلَالُ فِي الْعَادَةِ لَمْ تَكُنْ فِيهِ عَلَى نِصْفِ رَجُلٍ».[15]

كتب ابن القيم:

«وَالْمَرْأَةُ الْعَدْلُ كَالرَّجُلِ فِي الصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ وَالدِّيَانَة إلَّا أَنَّهَا لَمَّا خِيفَ عَلَيْهَا السَّهْوُ وَالنِّسْيَانُ قَوِيَتْ بِمِثْلِهَا وَذَلِكَ قَدْ يَجْعَلُهَا أَقْوَى مِنْ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ أَوْ مِثْلَهُ».[16]

الأفعال الإجرامية

[عدل]

يدعو عدد كبير من علماء المسلمين المحافظين- كامتداد للقيود المزعومة في العقود المالية- أيضًا إلى التمييز ضد شهادات النساء في قضايا الحد والقصاص أيضًا، ولكن ليس في قضايا التعزير.[8]

كتب الفقيه المالكي ابن رشد في القرن الثاني عشر أن الفقهاء يختلفون حول وضع شهادة المرأة في حالات الحدود، العقوبات على الجرائم الخطيرة، وبحسب ابن رشد، يرى بعض العلماء أن شهادة المرأة في هذه الحالات غير مقبولة بغض النظر عما إذا كانت تشهد مع شهود من الرجال. كتب أن المدرسة الفكرية المعروفة باسم الظاهرية تعتقد أنه إذا شهدت امرأتان أو أكثر إلى جانب شاهد ذكر، فإن شهادتهن مقبولة (كما هو الحال في الحالات المتعلقة بالمعاملات المالية، التي ذكرت سابقًا). يرفض الغامدي التوسع في تطبيق الآية 282 على الحوادث العرضية، بحجة أن الآية مقتصرة فقط على موضوع شهود العقد.[17]

تسجل بعض الأحاديث وجود شهادات أنثى واحدة فقط في قضية قتل، كاغتيال الخليفة عثمان، وقد أدى قبول هذه الشهادات إلى الحكم بالإعدام على القاتل وبدء حملة ضد الدولة. يُفرض الاختلاف بين الجنسين وفقًا للتفسيرات الكلاسيكية التي لا تسمح بشهادة الإناث في قضايا الحدود، على مسألة تحديد العقوبة التي ستُطبق، وليس على إثبات الذنب. تكون شهادة الإناث في هذا السياق مقبولة لإثبات ذنب المتهم، ولكن في غياب شهادة الرجل، لن يكون المذنب عرضة إلا للعقوبة التعزيرية، بدلًا من الحد.[18]

المعلقون التقليديون

[عدل]

يفسر المعلقون التقليديون المعاملة غير المتساوية للشهادة عادةً من خلال التأكيد على أن طبيعة المرأة تجعلها أكثر عرضة للخطأ من الرجال. اتبع الحداثيون المسلمون المصلح المصري محمد عبده في النظر إلى المقاطع الكتابية ذات الصلة على أنها مشروطة بأدوار الجنسين المختلفة وتجارب الحياة التي سادت في ذلك الوقت، بدلًا من القدرات العقلية المتدنية للمرأة بالفطرة، ما يجعل القاعدة غير قابلة للتطبيق بشكل عام في جميع الأوقات والأماكن.[19]

المراجع

[عدل]
  1. ^ Rao, Dr Muhammad Atif Aslam (24 May 2020). "Islamization of Law of Evidence in Pakistan with Specific Reference to Testimony of a Woman" (بالإنجليزية). Rochester, NY. SSRN:3609096. Archived from the original on 2023-04-26. {{استشهاد بدورية محكمة}}: الاستشهاد بدورية محكمة يطلب |دورية محكمة= (help)
  2. ^ Wael B. Hallaq (2009). Sharī'a: Theory, Practice, Transformations. Cambridge University Press. ص. 347.
  3. ^ Fadel، Mohammad (1997). "Two Women, One Man: Knowledge, Power and Gender in Medieval Sunni Legal Thought". International Journal of Middle East Studies. ج. 29 ع. 2: 185–204. DOI:10.1017/S0020743800064461. S2CID:143083939. SSRN:1113891.
  4. ^ See also [القرآن 2:282]: "... and call in to witness from among your men two witnesses; but if there are not two men, then one man and two women from among those whom you choose to be witnesses, so that if one of the two errs, the second of the two may remind the other...".
  5. ^ According to Averroes, a 12th-century مالكية, "There is a general consensus among the jurists that in financial transactions a case stands proven by the testimony of a just man and two women on the basis of [this] verse." (ابن رشد. Bidayatu’l-Mujtahid, 1st ed., vol. 4, (Beirut: Daru’l-Ma‘rifah, 1997), p. 311).
  6. ^ Ibn Kathir. "Tafsir Ibn Kathir (English): Surah Al Baqarah Pt II". Quran 4 U. علم التفسير. مؤرشف من الأصل في 2023-04-06. اطلع عليه بتاريخ 2019-12-22.
  7. ^ Is the testimony of women half that of men in Islam | Javed Ahmad Ghamidi (بالإنجليزية), Retrieved 2019-12-24
  8. ^ ا ب ج Is woman's testimony half the weight of man's? (بالإنجليزية), Archived from the original on 2023-08-29, Retrieved 2019-12-24
  9. ^ Javed Ahmed Ghamidi (28 مارس 2012)، Kia Aurat ki Gawahi Adhi hai - Javed Ahmed Ghamidi، اطلع عليه بتاريخ 2016-05-03[وصلة مكسورة]
  10. ^ MaulanaIshaqURDU (13 أكتوبر 2011)، Islam Main Kya Aurat Ki Gawahi Aadhi Hai - maulana ishaq urdu، مؤرشف من الأصل في 2021-12-12، اطلع عليه بتاريخ 2016-05-03
  11. ^ "Questions | Al-Mawrid". www.al-mawrid.org. مؤرشف من الأصل في 2023-08-29. اطلع عليه بتاريخ 2016-05-03.
  12. ^ Half of a Man! نسخة محفوظة 2007-09-27 على موقع واي باك مشين., Renaissance - Monthly Islamic Journal ‏, 14(7), July 2004
  13. ^ Fadel، Mohammad (1 يناير 1997). "Two Women, One Man: Knowledge, Power, and Gender in Medieval Sunni Legal Thought" (PDF). International Journal of Middle East Studies. ج. 29 ع. 2: 197. DOI:10.1017/S0020743800064461. S2CID:143083939. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2020-12-30. اطلع عليه بتاريخ 2016-05-03.
  14. ^ Fadel، Mohammad (1 يناير 1997). "Two Women, One Man: Knowledge, Power, and Gender in Medieval Sunni Legal Thought" (PDF). International Journal of Middle East Studies. ج. 29 ع. 2: 198–199. DOI:10.1017/S0020743800064461. S2CID:143083939. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2020-12-30. اطلع عليه بتاريخ 2016-05-03.
  15. ^ Turuq Al Hukmiya 1:128
  16. ^ al-Jawziyya، Ibn Qayyim. الطرق الحكمية في السياسة الشرعية. ص. 430.
  17. ^ Khan، Muhammad Farooq. "7". Islam and Women. مؤرشف من الأصل في 2023-12-01.
  18. ^ ابن رشد. Bidayatu’l-Mujtahid, 1st ed., vol. 4, (Beirut: Daru’l-Ma‘rifah, 1997), p. 311.
  19. ^ Mohammad Fadel (1997). "Two Women, One Man: Knowledge, Power, and Gender in Medieval Sunni Legal Thought". International Journal of Middle East Studies. ج. 29 ع. 2: 187. JSTOR:164016.